وروى أبو داود عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال:
" كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالا , فاتقوا الله يا معشر القراء , وخذوا طريق من كان قبلكم " (¬1).
ولقد نقل عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى أنه قال: " من أبتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} , فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا " (¬2).
وكان يردد أيضا:
وخير أمور الدين ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع (¬3)
وذكر الشاطبي عن ابن رواح عن الحسن أنه قال:
" صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا , صياما وصلاة إلا ازداد من الله بعداً " (¬4).
ومثل ذلك روى عن هشام بن حسان أنه قال:
" لا يقبل الله من صاحب بدعة صياما ولا صلاة ولا حجا ولا جهادا ولا عمرة ولا صدقة ولا عتقا ولا صرفا ولا عدلا " (¬5).
وأخيرا نذكر ما ذكره الشاطبي في اعتصامه تعريفا للبدعة , فيقول: " البدعة عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى ".
ثم فصل قوله " تضاهي الشرعية " يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك , بل هي مضادة لها من أوجه متعددة.
¬_________
(¬1) رواه أبو داود.
(¬2) سنن الدارمي ج 1 ص 60.
(¬3) الإعتصام للشاطبي ج 1 ص 85.
(¬4) أيضا ج 2 ص 82.
(¬5) أيضا ص 84.