وإذا كان للجسد من الجوع بلاء , فإن للقلب به ضياء , وللروح به صفاء , وللسر لقاء. وحين يدرك السر اللقاء , وتجد الروح الصفاء , ويجد القلب الضياء , فأي ضير إذا لقي الجسد البلاء " (¬1).
ونقل الشعراني عن الخراز أنه كان يقول:
" الجوع طعام الزاهدين " (¬2).
ونقل عن أحمد الرفاعي أنه قال:
" أنا أحب للمريد الجوع والعري والفقر والذل " (¬3).
وعلى هذا الأساس نقلوا حكايات وأكاذيب عديدة لتمجيد الجوع وتمجيد المتجوعين والثناء عليهم , أكاذيب واضحة صريحة. فقالوا:
" إن سهل بن عبد الله التستري كان لا يأكل الطعام نيفا وعشرين يوما " (¬4).
ومرة قالوا عنه أيضا أنه كان يأكل كل خمسة عشر يوما مرة , فإذا دخل رمضان لم يكن يأكل شيئا إلى يوم العيد (¬5).
ومثل ذلك نقلوا عن إبراهيم بن أدهم أيضا (¬6).
وروى الطوسي أكثر من ذلك عن أبي عبيد البسري أنه " كان إذا دخل رمضان دخل البيت وسد عليه الباب ويقول لامرأته: " أطرحي كل ليلة رغيفا من كوة في البيت ولا يخرج منه حتى يخرج رمضان , فتدخل امرأته البيت فإذا الثلاثون رغيفا موضوعة في ناحية البيت " (¬7).
وأغرب من ذلك أن الهجويري نقل هذه الحكاية عن الطوسي نفسه , وهذه هي ألفاضها:
" إن الشيخ أبا نصر السراج الملقب بطاووس الفقراء وصاحب كتاب " اللمع " ورد
¬_________
(¬1) كشف المحجوب للهجويري ص 570 ترجمة عربية ط دار النهضة العربية بيروت 1980م.
(¬2) الطبقات الكبرى للشعراني ج1 ص 97.
(¬3) الأنوار القدسية لعبد الوهاب الشعراني ج1 ص 132 ط بغداد.
(¬4) اللمع للطوسي أبي نصر السراج ص 269.
(¬5) كشف المحجوب للهوجيري ص 567 ترجمة عربية دكتورة اسعاد عبد الهادي ط بيروت 1980م.
(¬6) أيضا.
(¬7) اللمع لأبي نصر السراج الطوسي ص 217.