كتاب دراسات في التصوف

فيتلاشى الكون ويفنى الولي تحت تلك الإشارة " (¬1).

ويقول ابن عجيبة:

" إن القلوب إذا صفت الأكدار والأغيار , وملئت بالأنوار والأسرار لا يتجلّى فيها إلا الحق " (¬2).

وينقل الشعراني عن أبي المواهب الشاذلي أنه كان يقول:

" إذا ما تجلّى الحق من غيب ذاته ... تلاشى وجود الغير حقاً بلا شكّ " (¬3).

ويقول المنوفي الحسيني شارحاً " الصدق ":

" هو الفناء في الحق بالتجلّي الذاتي " (¬4).
ويبين القاشاني معنى التجلّي الشهودي بقوله:

" هو ظهور الوجود المسمى بإسم النور وهو ظهور الحق بصور أسمائه في الأكوان التي هي صورها , وذلك الظهور هو النفس الرحماني الذي يوجد به الكل ّ " (¬5).

ويقول مصطفى ابن الحسين الصادقي بأن العارف يذكر الله تعالى ويصقل قلبه " حتى صار بحيث إذا تجلّى له المحبوب لم ير في تلك المرآة إلا وجهه الكريم وهو قد اضمحلّ بجنب ذاك الجمال , وانمحق تحت أنوار الجلال , ولم يبق منه أثر ولا خبر بل استولى عليه الربّ سبحانه , فصار سمعه الذي به يسمع , وبصره الذي به يبصر ويده التي بها يبطش , فتجلّى الحق سبحانه حينئذ بذاته لذاته , وكان محباً لذاته بذاته جاز إطلاق إسم المحبوب على ذلك العبد " (¬6).

ويقول الوزير لسان الدين بن لخطيب: (أي النفس)

" فإذا جازت هذا المقام وهو فناء , وعدم منها الخلق بالكلية , وتجلّى لها الحق
¬_________
(¬1) الفتح المبين لظهير الدين القادري ص 38 ط ... المطبعة الخيرية مصر 1306 هـ.
(¬2) إيقاظ الهمم لابن عجيبة الحسني ص 27.
(¬3) الطبقات الكبرى للشعراني ج 2 ص 71.
(¬4) جمهرة الأولياء للمنوفي الحسيني ج 1 ص 305.
(¬5) اصطلاحات الصوفية للقاشاني ص 156.
(¬6) المنهج الموصول إلى الطريقة الأنهج لمصطفى بن الحسين الصادقي مخطوط ص 8 , 9.

الصفحة 308