فشهدته موصوفاً بالصفة التي تليق به , فحينئذ يصح الوصول " (¬1).
وإليكم الآن ما قاله الجيلي عبد الكريم موضحاً معنى التجلي:
" التجلي الصوري ظهوره في مخلوقاته على اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي " (¬2).
وأصرح من ذلك ماقاله في مقام آخر:
" إن االعبد إذا أراد الحق سبحانه وتعالى أن يتجلّى عليه بإسم أو صفة , فإنه يفنى العبد فناء يعدمه عن نفسه , ويسلبه عن وجوده , فإذا طمس النور العبدي وفني الروح الخلقي أقام الحق سبحانه وتعالى في الهيكل العبدي " (¬3).
ويقول: " الإنسان الكامل هو مظهره الأكمل وجلاه ألأفضل " (¬4).
فليشاهد القارئ كيف أبدل الصوفية الحلول بكلمة " التجلي " , والحق أن التجلي الصوفي ليس إلا الحلول المسيحي.
ويستغرب الباحث حينما يجد الصوفية يبّرؤن أنفسهم عن الاعتقاد بالحلول , ومع هذه التصريحات والتوضيحات التي لا تترك مجالاً للريب والشك في هذا الخصوص.
ومقام الفناء - على حد تعبيرهم - هو الذي ادعى فيه كثير من مشايخ الصوفية الحلول والاتحاد حسب روايات المتصوفية كما نقلوا عن أبي يزيد البسطامي أنه كان يقول:
" سبحاني ما أعظم شأني " (¬5).
فيقولون: أن قائل هذه الكلمة ليس أبا يزيد بل الله سبحانه وتعالى هو الذي قال بها كما صرح بذلك القشيري في رسالته حيث قال:
" قال أبو يزيد: سبحاني , ما قال إلا الحق " (¬6).
¬_________
(¬1) روضة التعريف للسان الدين بن الخطيب ص 464 ط دار الفكر العربي.
(¬2) الإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ج 1 ص 49 ط مصطفى البابي الطبعة الرابعة 1402 هـ.
(¬3) أيضاً ص 67.
(¬4) أيضاً ج 2 ص 17.
(¬5) قوت القلوب لأبي طالب المكي ج 2 ص 75 , رسالة ترتيب السلوك للقشيري ص 73 , فوائح الجمال لنجم الدين الكبري ص 36 , درر الغواص للشعراني ص 85 , إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص 204 , جمهرة الأولياء ج 1 ص 234.
(¬6) ترتيب السلوك للقشيري ص 73 من مجموعة الرسائل القشيرية ط إسلام آباد باكستان.