كتاب دراسات في التصوف

والوزير لسان الدين بن الخطيب يذكر وحدة الوجود بقوله:

" قال بعض كبارنا: أن الحق عين ما ظهر , وعين ما بطن , ويرون (أي الصوفية) أن وقوع التعدد في تلك الحقيقة , ووجود الإثنينية وهم , باعتبار حضرات الحس بمنزلة صور الظلال , والصدا , وصور المرائي (جمع مرآة) , وأن كل ما سوى عين القدم إذا استتبع فهو عدم , كان الله ولا شيء معه " (¬1).

وأيضاً " فإذا سقطت الأوهام صار مجموع العالم بأسره وما فيه واحداً , وذلك الواحد هو الحق , وإنما العبد مؤلف من طرفي حق وباطل , فإذا سقط الباطل وهو اللازم بالأوهام لم يبق إلا الحق. . . فالكل واحد , وإن كان متفرقاً , فسبحان من هو الكل ولا شيء سواه " (¬2).

ويشرح فلسفة وحدة الوجود بايزيد الأنصاري قائلاً:

" إن الموجودات واحدة مع ذات المعبود. . . قال الشاعر:

ها أنا أم أنت هذان الإلهان
حاشاك حاشاك عن إثبات الاثنين
لإاين ذاتك حيث كنت أرى
قد بان ذاتي حيث لا أنا

كما قيل: من أثبت الله نفى النفس , ومن أثبت النفس نفى الله. . . والموحّد لا يشرك وجود مع ذات المعبود حتى لا يصير مشركاً (¬3).

فالشرك عندهم إثبات الأثنين إذ لا إثنينية عندهم.

وبذلك قال فخر الدين العراقي المتوفى 688 هـ:

" أأنت أم أنا هذا العين في العين ... حاشاي حاشاي من إثبات إثنين " (¬4).

ويقول أيضاً:
¬_________
(¬1) روضة التعريف للوزير لسان الدين بن الخطيب ص 499.
(¬2) أيضاً ص 603.
(¬3) مقصود المؤمنين لبايزيد الأنصاري ص 235 وما بعد ط مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد باكستان.
(¬4) لمعات ص 56 الطبعة الأولى انتشارات مولى إيران.

الصفحة 315