كتاب دراسات في التصوف

يلهجون بذكر النساء , ويرونهن أكمل وأجمل وأتم تعينات الذات الإلهية ومجاليها , وهذا يجعلك تؤمن بأن هناك في أعماق التصوف حيواناً ضارياً يستعبده الشبق والغلمة الداعرة , ويستعلن دائماً بالصريخ الملتهب عما يزلزله من رجفات الشهوات العارمة , وينزو بعربدته على كل مقدسات الدين ومحارم الفضيلة , وتؤمن كذلك أن من مقومات التصوف عبادة المرأة , وتعرف عن يقين لماذا يبحث الصوفية عن درويشات يسلكن معهم طريق القوم " (¬1).

وأما الاستدلال من أبيات مجنون وأقواله وحكاياته فكما ذكر الوزير لسان الدين في مسألة عبادة الله لا خوفاً ولا رجاءً , يستدل على كون المحبة هي الأصل , لا الخوف والرجاء , من أشعار مجنون يذكرها في روضته:

لو قيل لمجنون ليلى أوصلها
تريد أم الدنيا وما في طواياها
لقال: غبار من تراب نعالها
أحبّ إلى نفسي وأشفى لبلواها (¬2).
يذكر لسان الدين هذه الأبيات الغزلية ثم يبني عليها قاعدته في الحب بذات الله مستدلاً منها ومن الفلسفة التي ذكرت فيها.

هذا ونقل الشعراني عن الشبلي أنه كان يقول:

" قيل لمجنون بني عامر: أتحبّ ليلى؟
قال: لا.
قيل: ولم؟
قال: لأن المحبة ذريعة للوصلة , وقد سقطت الذريعة , فليلى أن , وأنا ليلى " (¬3).

فذكر هذه الحكاية واستدل منها على اتصال الصوفي بذات الله سبحانه وتعالى.

ويدعم الطوسي قول من قال: " أنا أنت وأنت أنا " بحب مجنون ليلى , فيقول:

" أما قول القائل " أنا أنت وأنت أنا " فمعناه الإشارة إلى ما أشار إلأيه الشبلي , رحمه الله حيث قال في مجلسه: يا قوم , هذا مجنون بني عامر كان إذا سئل عن ليلى , فكان يقول: أنا
¬_________
(¬1) هامش مصرع التصوف ص 141 , 142.
(¬2) روضة التعريف بالحب الشريف ص 428.
(¬3) طبقات الشعراني ج 1 ص 104.

الصفحة 321