كتاب دراسات في التصوف

وحائزا على مقام الصمدية لم يذق طعاما مدة إثني عشر عاما " (¬1).

وكتب الآخر وهو فريد الدين مسعود المتوفى 664هـ بأنه وقف على رجليه في عالم الاستغراق عشرين سنة لم يجلس فيها ولم يأكل شيئا (¬2).
وأما عبد العزيز الدريني المتوفى 697هـ فلم يستكثر هذا , بل نقل عن أبي هند أنه صام أربعين سنة ولم يعلم الناس ولا أهل بيته , كان يأخذ الخبز ويخرج فيتصدق به فيظن الناس أنه يأكل في البيت , ويظن أهل بيته أنه يأكل مع الناس (¬3)

هذا ورووا في فضل التجوع روايات كتلك الحكايات واهية باطلة , مختلقة مصطنعة , مثل ما ذكر الكمشخانوي أن عمر بن عبد العزيز أجاع صنفا من الطير أربعين صباحا ثم طاروا في الهواء ورجعوا رائحة المسك تفوح منها.

قال القشيري: لا يبعد أنها وصلت إلى الجنة.

وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عرف الله وعظمه منع فاه من الكلام وبطنه من الطعام (¬4).

كما روى الآخر عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
" بطن جائع أحب إلى الله من سبعين عابدا غافلا " (¬5).

وروى الصفوري الشافعي عنه صلى الله عليه وسلم " أفضلكم عند الله منزلة أطولكم جوعا " (¬6).

وأيضاً " من أجاع بطنه عظمت فكرته وفطن قلبه " (¬7).

و" نوَروا قلوبكم بالجوع وخشن الثياب " (¬8).
¬_________
(¬1) أنظر خزينة الأصفياء لغلام سرور اللاهوري ص 290 ترجمة أردية ط لاهور باكستان.
(¬2) تذكرة أولياء باك وهند للدكتور شارب الدهلوي ص 55.
(¬3) أنظر طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب لعبد العزيز الدريني ص 209 ط مصطفى البابي الحلبي مصر 1972م.
(¬4) جامع أصول الأولياء للكمشخانوي ص 164.
(¬5) كشف المحجوب للهجويري ص 569.
(¬6) نزهة المجالس للصفوري الشافعي ص 177.
(¬7) إحياء علوم الدين للغزالي ج3 ص 80 ط دار القلم بيروت الطبعة الأولى.
(¬8) نزهة المجالس للصفوري ج1 ص 177 ط دار الكتب العلمية بيروت.

الصفحة 34