كتاب دراسات في التصوف

ونقل ابن عجيبة الحسني عن أبي سليمان الداراني أنه قال:
" أحلى ما تكون العبادة إذا لصق ظهري ببطني " (¬1).

ومثل هذا ورد عن القوم في ترك الماء البارد والعذب , واجتناب اللحم , والتحرز عن الطيبات , فيقولون:
" من شرب الماء لم يشتق إلى الجنة " (¬2).

وروى الكلاباذي والقشيري عن الجنيد أنه قال:
" دخلت يوما على السري السقطي وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك؟
فقال: جاءتني البارحة الصبية فقالت:

يا أبتي , هذه ليلة حارة , وهذا الكوز أعلقه ها هنا.
ثم أني حملتني عيناي فنمت , فرأيت جارية من أحسن الخلق الخلق قد نزلت من السماء , فقلت: لمن أنت؟

فقالت: لمن لا أشرب الماء المبرد في الكيزان.
فتناولت الكوز فضربت به الأرض فكسرته.

قال الجنيد: فرأيت الخزف لم يرفعه ولم يمسه , حتى عفا عليه التراب (¬3).

وأما الشعراني فروى عن بعض مشايخ الصوفية أنه كان يقول:
" مثقال ذرة من لحم تقسي القلب أربعين صباحا " (¬4).

وهناك حكايات أخرى سردها النفزي الرندي المتوفى 792 هـ , منها ما نقله عن إبراهيم الخواص أنه قال:
" كنت في جبل " لكام " فرأيت رمانا (فاشتهيته , فدنوت منه فأخذت واحدة
¬_________
(¬1) الفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسني ص 154 ط القاهرة.
(¬2) المعارضة والرد المنسوب إلى سهل بن عبد الله التستري ص 125 بتحقيق محمد كمال جعفر ط دار الإنسان القاهرة 1980م.
(¬3) الرسالة القشيرية ج1 ص 72 , أيضا نزهة المجالس للصفوري ج1 ص 245 ط بيروت , أيضا التعرف لمذهب أهل التصوف لأبي بكر الكلاباذي ص 184 ط مكتبة الكليات الأزهرية.
(¬4) طبقات الشعراني ج1 ص 46.

الصفحة 35