" إن التكسب من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , نقل عن سهل بن عبد الله أنه قال: من طعن على لاكتساب فقد طعن على السنة , كما نقل عن عبد الله بن المبارك أنه كان يقول: لا خير فيمن لا يذوق ذل المكاسب, وأيضا مكاسبك لا تمنعك عن التفويض والتوكل إذا لم تضيعها في كسبك " (¬1).
ولكن المتصوفة يقولون عكس ما قاله الرسول وما أمر به وما ورد في كتاب الله , فيقولون: " من طلب معاشا فقد ركن إلى الدنيا " (¬2).
وأبو نصر السراج الطوسي الذي أقر بكون التكسب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي نقل عن ذي النون المصري أنه قال:
" إذا طلب العرف المعاش فهو لاشيء " (¬3).
كما ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه بطلب المعاش (¬4).
ظنا منه بأن " الكسب رخصة وأباحه لمن لم يطلق حال التوكل " (¬5).
وهذا غلط وفاسد لأن التوكل ليس معناه الترك , بل معناه الجد والعزم , ثم الإعتماد على الله بأنه وحده يثمر الجهود ويقللها من النجاح , لا الإنسان , وهذا معنى قوله {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (¬6).
ولكن ابن محمد الشطا الدمياطي يقول:
" أترك الكسب حال كونك متجرداً عن الأهل والأولاد " (¬7).
وذكروا عن ابن السماك أنه كان يقول:
" لا تشتغل بالرزق المضمون عن العمل المفروض , وكن اليوم مشغولا بما أنت
¬_________
(¬1) أنظر كتاب اللمع للطوسي ص 259 ط دار الكتب الحديثة 1960 م.
(¬2) عوراف المعارف للسهروردي ص 165.
(¬3) كتاب اللمع للطوسي ص 162.
(¬4) أيضا ص 184.
(¬5) أيضا ص 524.
(¬6) سورة آل عمران الآية 159.
(¬7) كفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء لأبي بكر محمد الشطا الدمياطي ط دار الكتب العربية مصر.