فقمت وتوضأت , فقمت عن يساره , فأخذ بأذني فأدراني عن يمينه , فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة , ثم أضطجع فنام حتى نفخ , وكان إذا نام نفخ , فآذنه بلال بالصلاة فصلى) (¬1).
وعن عبد الله بن عمرو , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الصلاة إلى الله صلاة داود , كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه , وينام سدسه) (¬2).
وهذا ومن تطرفات الصوفية وغلوهم في التعبد والتحنث ما نقلوه عن الجنيد أنه " كان يدخل كل يوم حانوته ويسبل الستر ويصلي أربعمائة ركعة ثم يعود " (¬3).
وحكوا عن الآخر أنه كان يصلي كل يوم ألف ركعة (¬4).
ونسب الشعراني إلى أويس القرني أنه قد فرض على نفسه كل يوم ألف ركعة (¬5).
وحكى العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه كان يصلي أربع ركعات للعشاء , وكان إذا فرغ قال: إن هذه الصلاة غير مقبولة عند الله , وكان يعيدها , ثم إذا فرغ يعيدها , وهكذا يفعل حتى ينقضي الليل كله (¬6).
فهل يا ترى ألا يعد ذلك تجاوزا عما أمر الله به في كتابه وثبت عن رسول الله في سنته , أليس هذا هو معنى التقدم بين يدي الله ورسوله المنهي عنه في كتاب الله العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬7).
وأليست هذه الفروض والواجبات التي فرضوها وأوجبوها على أنفسهم حسب ما ينقل القوم - والعهدة على من نقل , والكلام على ما نقل - مضاهاة للشارع والشرع أفلا يندرج كل هذا تحت وعيد الله عز وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ
¬_________
(¬1) متفق عليه.
(¬2) متفق عليه.
(¬3) الرسالة القشيرية ج1 ص 119 , مكاشفة القلوب للغزالي ص 30 , غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج1 ص 283.
(¬4) تنبيه المغترين للشعراني ص 114 ط.
(¬5) الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج 1 ص 27.
(¬6) تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص 94.
(¬7) سورة الحجرات الآية 1.