قلت لتلامذتي: من لم يكن منكم يوم القيامة شفيعاً في أهل النار فيدخلهم الجنة لم يكن لي تلميذاً. فقال له أبو يزيد: ولكن قد قلت أنا لهم:
ليس من تلاميذي إلا من وقف يوم القيامة , فكل من أمر من الموحدين إلى النار أخذ بيده وأدخله الجنة " (¬1).
ومثل ذلك نقلوا عن إبراهيم بن أدهم أنه كان يستهزئ بنعيم الجنة بدعائه:
" اللهم إنك تعلم أن الجنة لا تزن عندي جناح بعوضة " (¬2).
والشبلي الذي قال عنه الجنيد: " لكل قوم تاج , وتاج هذا القوم الشبلي " (¬3).
ينقلون عن تاج قومهم هذا أنه كان يدعو: " اللهم أخبأ الجنة والنار خبايا غيبك حتى تعبد بغير واسطة " (¬4).
ومن استهزائهم بالجحيم ونيرانها أنه قال في مجلسه:
" إن لله عباداً لو بزقوا على جهنم لأطفوها " (¬5).
وكذلك كان يقول: " لو خطر على بالي أن الجحيم بنيرانها وسعيرها تحرق مني شعرة لكنت مشركاً " (¬6).
ومن استخفافه بوعيد أهل النار أنه سمع قارئاً يقرأ هذه الآية {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} فقال الشبلي:
" ليتني كنت واحداً منهم " (¬7).
وأما معروف الكرخي فيروون عنه " أنه عبد الله لا خوفاً من ناره , ولا شوقاً إلى جنته , فلذلك رؤى في النوم في حظيرة القدس جالساً في سرادق العرش شاخصاً ببصره
¬_________
(¬1) النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 98 , 99.
(¬2) جمهرة الأولياء لأبي الفيض المنوفي الحسيني ج 2 ص 130.
(¬3) نفحات الأنس للجامي ص 180.
(¬4) كشف المحجوب للهجويري ص 577 ط دار النهضة العربية بيروت.
(¬5) أنظر كتاب اللمع للطوسي ص 491.
(¬6) أيضاً ص 490.
(¬7) اللمع للطوسي ص 490.