كتاب دراسات في التصوف

ولا شاهداً للجدّ ... فيكون متديناً ... بالمراياة

فإن هذه الأوصاف كلها شعب من عبادة النفس (¬1).

وقال أيضا تحت عنوان الرجاء:

" الرجاء أضعف منازل المريد لأنه معارضة من وجه , واعتراض من وجه , وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة " (¬2).

وحكى عماد الدين الأموي وغيره أن داود عليه السلام أوحى إليه الرب تبارك وتعالى أن أودّ الأولاد إليّ عبدني بغير نوال ... ومن أظلم ممن عبدني لجنة أو نار , لو لم أخلق جنة ولا ناراً ألم أكن أهلاً لأن أطاع " (¬3).
ومن احتقارهم وأزدرائهم بالجنة ما ذكروا عن الصوفي عثمان بن عاشوراء أنه قال:

" خرجت من بغداد أريد الموصل فأنا أسير , وإذا أنا بالدنيا قد عرضت لي بعزّها وجاهها ورفعتها ومراكبها وملابسها ومزيّناتها ومشتهياتها فأعرضت عنها , فعرضت عليّ الجنة بحورها وقصورها وأنهارها وثمارها فلم أشتغل بها , فقيل لي: ياعثمان , لو وقفت مع الأولى لجبناك عن الثانية , ولو وقفت مع الثانية لحجبناك عنا " (¬4).

ومثل نقل عن البسطامي أنه قال:

" الجنة هي الحجاب الأكبر لأن أهل الجنة سكنوا إلى الجنة , وكل من سكن إلى سواه فهو محجوب " (¬5).

وقال الأموي:

" الخواص من الأولياء زهدوا في الحور العين وغيرهم من النعيم للنظر إلى وجه الله تعالى , ثم أعرضوا عن الحور العين والقصور والإتكاء على الفرش والأرائك واللحوم والفواكه إلى مشاهدة كمال إله الكل " (¬6).

وفي هذا المعنى نقل الشعراني عن محمد الحنفي أنه دخل الحمام يوماً مع الفقراء ,
¬_________
(¬1) منازل السائرين للخواجة عبد الله الأنصاري الهروي ص 68 ط إنتشارات مولى نشر أفغانستان 1350هـ.
(¬2) أيضاً ص 60.
(¬3) حياة القلوب لعماد الدين الأموي ج 2 ص 215 بهامش قوت القلوب , أيضاً غيث المواهب العلية.
(¬4) غيث المواهب العلية ج 1 ص 180.
(¬5) النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 163.
(¬6) حياة القلوب للأموي ج 2 ص 129.

الصفحة 83