كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
صنف الخطيب وللقاضي وغيرهما في إبطال ذلك الكتاب وتصانيف، ذكروا فيها وجوهًا تدلّ على أن ذلك الذي بأيديهم موضوع باطل.
قال شيخنا: ولما كان عام إحدى وسبع مئة (¬1) أحضرَ جماعةٌ من يهود دمشق عهودًا ادعوا أنها قديمة، وكلها بخط علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد غَشَّوها بما يقتضي تعظيمها (¬2)، وكانت قد نفقت على ولاة الأمور من مدة طويلة، فأُسقطت عنهم الجزية بسببها وبأيديهم تواقيع ولاة، فلما وقفتُ عليها تبيَّن في نفسها ما يدُّل على كذبها من وجوه كثيرة جدَّا:
منها: اختلاف الخطوط اختلافًا متفاقمًا في تأليف الحروف الذي يُعْلَم معه أن ذلك لا يصدر عن كاتب واحد، وكلها نافية أنه خط علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومنها: أن فيها من اللحن الذي يخالف لغة العرب ما لا يجوز نسبة مثله إلى علي رضي الله عنه ولا غيره (¬3).
ومنها: الكلام الذي لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حق اليهود، مثل قوله: أنهم يعاملون بالإجلال والإكرام، وقوله: السلام عليكم
¬__________
(¬1) انظر «البداية والنهاية - ضمن الجامع»: (ص 413 - 414) وفيه وقوف ابن كثير على الكتاب بنفسه.
(¬2) ذكر ابن القيم في «المنار» (ص 94) أن هذا الكتاب «أحضر بين يدي شيخ الإسلام وحوله اليهود يَزُفونه ويُجِلّونه، وقد غُشِّي بالحرير والديباج».
(¬3) ذكر ابن كثير أن فيه: «وكتب علي بن أبو طالب!»