كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وتحالفوا على لقائهم، وشجعوا أنفسهم، ونوديَ في البلد: أن لا يجفل أحد، ولا يسافر أحد، فسكنَ الناسُ، وجلس القضاة بالجامع وحلَّفوا جماعةً من الفقهاء والعامة على حضور الغزاة، وتوجه الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى جهة العسكر الواصل من حماة، فأدركه البقُطَيفة (¬1) والمَرْج، فاجتمع بهم وأعلمهم بما اتفق عليه رأي الأمراء بدمشق، فوافقوا على ذلك.
وفي يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر شعبان اختبط الناس كثيرًا، وجَفَل جميع القرى والحواضر، واعتكر الناسُ بأبواب دمشق، ودخل كثير من الناس إلى القلعة، وامتلأت المنازل والطرق، وحصل التنازع في ذلك، وتشوَّشت القلوب بسبب أنَّ جماعةً من الجيش توجهوا إلى الكُسْوة (¬2) وناحيتها، فتكلّم الناسُ في أن هؤلاء يريدون اللحاق بالسلطان وبقية الجيش، وهذا يقتضي ترك الكسوة، يقولون: ليس ثَمَّ شيء بالكلية ويتعجّبون لما فعل الله بهذا الجيش وأزاله في لحظة، [وتركوا] (¬3) البلدَ [ومن فيه وراء ظهورهم]، وانزعج الناس لذلك. ومن الناس من ذكر أن القصد أن يرتادوا موضعًا للوقعة يكون
¬__________
(¬1) قرية دون ثنية العقاب للقاصد إلى دمشق من ناحية حمص. «معجم البلدان»: (4/ 378).
(¬2) الكسوة: مدينة جنوب دمشق، كان يصنع بها كسوة الكعبة، انظر: www.keswa.net. و «معجم البلدان»: (4/ 461).
(¬3) (ط): «في لحظة (من) البلد، ومن فيه .. »، ولعل ما أثبته أنسب. وستتكرر العبارة في الصفحات الآتية.

الصفحة 11