كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

العقيدة، وجعلوا الشيخَ صفيَّ الدين يتكلم معه، ثم رجعوا عنه، واتفقوا على الشيخ كمال الدين ابن الزَّمَلْكاني يُحاقِقُه، ويبحث معه من غير مسامحة ورضوا بذلك، وانفصل الأمر فيما بينهم أنه أشْهَد تقيُّ الدين على نفسه الحاضرين أنه شافعي المذهب يعتقد ما يعتقده الإمام الشافعي رضي الله عنه، فرُضِي منه بهذا القول، وانصرف كلٌّ منهم إلى منزله، وبعد ذلك حصل من أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية كلام هذياني وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا تقيّ الدين، فأحضروا أحدًا منهم إلى القاضي جلال الدين الشافعي إلى العادلية فصُفِعَ وأُمِر بتعزيره، فشُفِعَ فيه، وكذا فعل الحنفي باثنين آخرين.
فلما كان يوم الاثنين ثاني عِشْري رجب الفرد قرأ الجمال المِزِّي المحدِّث فصلاً في الرد على الجهمية من كتاب «أفعال العباد» من تصنيف البخاري، قرأ ذلك تحت النسر (¬1) في المجلس العام المعقود لقراءة «البخاري»، فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وقال: نحن المقصودون بهذا التكفير، وسَعَوا به إلى قاضي القضاة نجم الدين ابن صَصْرَى الشافعي، فطلبه ورَسَم بحبسه، فبلغ تقي الدين ابن تيمية، فقام وأصحابه خلفه إلى الحبس وأخرجوه منه، فطلع قاضي القضاة إلى عند ملك الأمراء، وطلعَ أيضًا تقيّ الدين، فالتقيا هو والقاضي نجم الدين، واشتطَّ تقي الدين على القاضي نجم الدين، [وذكر نائبه] جلال الدين، وأنه آذى أصحابه بسبب غيبة نائب السلطان في الصيد، وجرى أمور
¬__________
(¬1) أي تحت قبة النسر بالجامع الأموي.

الصفحة 19