كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وطلع وخرج، واجتمع بالملك مرتين، وبخطلوشاه (¬1)، وببُولاي (¬2). وكان قَفْجَق (¬3) يتعجَّب من إقدامه وجرأته على المغول.
وله حِدَّة قوية تعتريه في البحث، حتى كأنه ليثٌ حَرِب.
وهو أكبر من أن يُنبّه مثلي على نعوته؛ فلو حُلِّفْتُ بين الركن والمقام لحلفتُ أني ما رأيت بعيني مثله، ولا والله ما رأى هو مثل نفسه في العلم.
وفيه قلة مداراة وعدم تؤدة غالبًا، والله يغفر له.
وهو فقير لا مال له، وملبوسه – كأحد الفقهاء –: فرَّجية، ودَلَق، وعمامة، يكون قيمة ثلاثين درهمًا، ومداس ضعيف الثمن.
وشعره مقصوص، وعليه مهابةٌ، وشيبُه يسير، ولحيته مستديرة، ولونه أبيض حِنْطي اللون، وهو رَبْع القامة، بعيد ما بين المَنْكِبين، كأنَّ عينيه لسانان ناطقان.
ويصلي بالناس صلاةً لا يكون أطول من ركوعها وسجودها. وربما
¬__________
(¬1) انظر (ص 5).
(¬2) بولاي: من قادة التتار الذين حضروا مع غازان لغزو الشام. قال الصفدي: اسمه الصحيح: مولاي، وإنما العامة يحرفونها تهكمًا به وبأمثاله. انظر «أعيان العصر»: (2/ 70 – 71).
(¬3) ويقال: قبجق، المنصوري، أصله من المغل، تذبذب في الالتحاق بهم أو بالمسلمين، واستقر أمره على قتال المغول، وكان شجاعًا مقدامًا، (ت 710). انظر «أعيان العصر»: (4/ 61 – 72)، و «الدرر الكامنة»: (3/ 241 – 243).

الصفحة 44