كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

شوق غَلَب، وقضاء حقٍّ قد وجب، حتى إن الغاصب لا يُلام إذا بادر مبتدئًا بردِّ المغتصَب وإن كان مسيئًا لما اغتصب، فأيّ ملامٍ على مشتاقٍ إلى أهل الحقّ والقائمين به بحسب الإمكان في هذا الزمان، إذا أرسل إلى حضرتهم سلامًا، وابتدأ كلامًا بلا استئذان؟
غير (¬1) أن أهل الحقّ قد قلّوا، والطالبُ لهم قلّ بقلَّتهم ومن وُجِد منهم يُغْتَنَم لقاؤه ويُطْلب إخاؤه، فإن عزّ اللقاء فالدعاء في ظهر الغيب، وانطواء الباطن على موالاتهم ومصافاتهم، ليعلم الله تعالى الإخلاص في موالاة أوليائه المعاصرين، أُسوةً بموالاة السلف الماضين الغابرين.
والمسؤول من الله تعالى أن يُكْثر عِداد الأولياء الأمجاد أهل الجدِّ والاجتهاد، وأصحاب المكافحة والجهاد، المحبين للحق، الناصحين للخلق، الصابرين على أذى الناس، المنتظمين في سلك الحازمين الأكياس.
ولقد منّ الله – سبحانه – على أهل هذا [ق 194] العصر بنعمةٍ عظيمة ما قَدَر أكثرُهم قَدْرَها، ولا قاموا لله بشكرها، أقامَ لهم عالمًا على رأس هذه المائة وأيّ عالم (¬2)! غالبُ الظنّ أنّ أهل العلم ما عرفوه وحاش لله أن يعرفوه حقيقةَ المعرفة ويَقْلوه.
¬__________
(¬1) الأصل: «عن».
(¬2) يقصد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وانظر رسالته إلى أبي عبد الله بن رُشيّق في «الجامع» (ص 241).

الصفحة 60