كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

والبراهين، ولا يعتاضُ عليه حلّ شُبهة إذا سلك المحجَّة في نصر الدين.
يسُلُّ بِدَع المبتدعين من دين المسلمين سلّ الشعرة من العجين، ويستخرج شُبَه الملحدين التي تدِقُّ في أعين الناظرين، وتعضل المناظرين، استخراجَ من جَعلَ حديدَ المغلق من أقفالها، والمقفل من إشكالها، في بنانِه وبيانِه ألينَ من الطين.
قد تقلَّد صماصمَ الأدلة العقلية، واعتقل لهاذمَ البراهين النقليّة، وامتطى (¬1) جوادَ السنن النبوية، واحتمل على عاتقه الألوية المحمدية، واعتزل الألوية الغوية التي تحامي حمية وتقاتل عصبية، يُنادي بأعلى صوته: يا أهل الملة الإسلامية وأصحاب الشِّرْعة المصطفوية، وطلاب السّنة البيضاء النقيّة، من أحْرقتْ كبدَه منكم الشبهاتُ، وأزاغتْ قلبَه التشكيكاتُ، وأزلَّت قدَمَه الفَرقُ المضلاّت، وأضلَّت به في الطُرُق المُهْلكات، فإليّ إليّ، ألا هلمّوا هلمّوا، فإن عندي حلّ ما أَشْكَل، وعلاج الدّاء الذي أعْضَل.
هذا دين الله الذي ما عليه غبار، فضلاً عن قتارٍ أو قَتَام. هذا دين الإسلام الممدوح بالتكملة والتمام. هذا هو الدين الذي دَرَج عليه السلف الكرام وأئمة الأمصار الأعلام. فإن شككتم في كلامي أو اعتقدتم (¬2) [ق 195] الفَلَّ في حسامي، فهذه الشواهد من عدول المنقول والمعقول، لا مِرية ولا فرية، ولا عَتَمة ولا قَتَمة ولا ظلام، قلِّدوا القرآنَ
¬__________
(¬1) الأصل: «وامتطاء».
(¬2) مطموس بعضها.

الصفحة 62