كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

* أحوال الشيخ في الذكر والدعاء:
قال ابن القيم: «وشهدت شيخَ الإسلام - قدس الله روحه - إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه، فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللَّجأ إليه، واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلَّما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليها مدًّا، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهنَّ يبدأ» (¬1).
وقال: «حقيقٌ بالمفتي أن يكثر الدَّعاء بالحديث الصحيح: «اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنتَ تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اخْتُلف فيها من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (¬2).
وكان شيخنا كثير الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: «يا معلم إبراهيم علمني»، ويكثر الاستغاثة بذلك، اقتداءً بمعاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال لمالك بن يَخامِر السَّكْسكي عند موته - وقد رآه يبكي - فقال: والله ما أبكي على دنيا كنتُ أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنتُ أتعلمهما منك. فقال: معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة: عند عُويمر أبي الدرداء، وعند
¬__________
(¬1) «إعلام الموقعين»: (6/ 67 - 68).
(¬2) أخرجه مسلم (770) من حديث عائشة رضي الله عنه.

الصفحة 86