كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

قال ابن القيم: «ولا ريب أن للمحبة سلطانًا قاهرًا للقلب أعظم من سلطان من يقهر البدن، فأين من يقهر قلبك وروحك إلى من يقهر بدنك؟ ولذلك تعجبت الملوك والجبابرة مِن قَهْرهم للخلق، وقهر المحبوب لهم وذلهم له، فإذا فاجأ المحبوب مُحبه، ورآه بغتة - أحسَّ القلبُ بهجوم سلطانه عليه، فاعتراه روعة وخوف.
وسألنا يومًا شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - عن هذه المسألة، فذكرتُ أنا هذا الجواب، فتبسَّم ولم يقل شيئًا» (¬1).
قال ابن القيم:
يا قوم والله العظيم نصيحة ... من مشفق وأخٍ لكم معوان
جرّبت هذا كلّه ووقعت في ... تلك الشباك وكنت ذا طيران
حتى أتاح لي الإلهُ بفضله ... من ليس تجزيه يدي ولساني
حَبْر أتى من أرض حرَّانٍ فيا ... أهلاً بمن قد جاء من حرَّان
فالله يجزيه الذي هو أهله ... من جنة المأوى مع الرضوان
أخذت يداه يدي وسار فلم يَرِم ... حتى أراني مطلع الإيمان» (¬2)
* أحوال الشيخ في المحن الخاصة والعامة:
قال ابن القيم: «ومن جنايات التأويل ما وقع في الإسلام من
¬__________
(¬1) «مدارج السالكين»: (2/ 262 - 263).
(¬2) «الكافية الشافية»: (2/ 526 - 527).

الصفحة 94