كتاب تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الحوادث بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا ... - ثم ساق جملة من ذلك إلى أن قال -: «ولا جرى على شيخ الإسلام ابن تيمية ما جرى من خصومِه بالسَّجْن، وطلب قتله أكثر من عشرين مرة = إلا بالتأويل» (¬1).
قال ابن القيم: «لما قضى في القدم بسابقة سلمان (¬2) عرج به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجُّس، فأقبل يناظر أباه في دين الشرك، فلما علاه بالحجة لم يكن له جوابٌ إلا القيد، وهذا جواب يتداوله أهل الباطل من يوم حرفوه، وبه أجاب فرعونُ موسى: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: 29]، وبه أجاب الجهمية الإمام أحمد لما عرضوه على السِّياط، وبه أجاب أهلُ البدع شيخَ الإسلام حين استودعوه السجن، وها نحن على الأثر» (¬3).
قال ابن القيم: «وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رُحْت فهي معي لا تفارقني، إنَّ حَبْسي خَلْوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
¬__________
(¬1) «الصواعق المرسلة»: (1/ 380 - 381 - دار العاصمة).
(¬2) يعني سلمان الفارسي رضي الله عنه.
(¬3) «الفوائد»: (ص 53 - دار عالم الفوائد).

الصفحة 95