كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
اصطلاجهم أوهمت الغر ما يوهم (1) السراب للعطشان = ازداد إيمانا وعلما
بما جاء به الكتاب والسنة. فان الضد يظهر حسنه الضد. وكل من كان بالباطل
أعلم كان للحق أشد تعظيما وبقدره أعرف (2).
فأما المتوسط من المتكلمين فيخاف عليه مالا يخاف على من لم
يدخل فيه، وعلى من قد أنهاه نهايته. فان من لم يدخل فيه هو في عافية، ومن
أنهاه فقد عرف الغاية، فما بقي يخاف (3) من بدء اخر. فاذا ظهر له الحق وهو
عطشان إليه قبله. وأما المتوسط فمتوهم بما تلقاه (4) من المقالات المأخوذة،
تقليدا لمعظمه وتهويلا.
وقد قال الناس: اكثر ما يفسد الدنيا: نصف متكلم، ونصف متفقه،
ونصف متطبب، ونصف نحوي. هذا يفسد الاديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا
يفسد الابدان، وهذا يفسد اللسان.
ومن علم أن المتكلمين من المتفلسفة (5) وغيرهم - في الغالب - في
قول مختلف (6)، يؤفك عنه من أفك، يعلم الذكي منهم العاقل أنه ليمس هو
فيما يقوله على بصيرة، و ن حجته ليست بينة، وإنما هي كما قيل فيها:
__________
(1) (ف، ك، خ، ط):"يوهمه ".
(2) بعده في (ط - الفتاوى): "اذا هدي اليه ".
(3) (ف، ك): "يخاف عليه ".
(4) (ق، ف، ك، خ): " يلقاه". و (ط): " يتلقاه".
(5) (ب، ق): "المتفلسفين".
(6) (ب، ق، ف): "موتفك".
142