كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وفي ا لجملة فكون ا لحب والبغض صفة ثبوتية وجودية معلوم
بالضرورة، فلا يقبل فيه نزاع ولا يناظر صاحبه إلا مناظرة السوفسظائية.
قلت: وإذا كان الحب والبغض ونحوهما من الصفات المضافة المتعلقة
بالغير صفات وجودية، وظهر الفرق بين الصفات التي هي إضافة ونسبة، وبين
الصفات التي هي مضافة منسوبة، فالحمد والشكر من القسم الثا ني ه فان
ا لحمد أمر وجودي متعلق با لمحمود عليه، وكذلك الشكر أمر وجودي
متعلق بالمشكور عليه، فلا يتم فهم حقيقتهما إلا بفهم الصفة الثبوتية لهما
التي هي متعلقة بالغير، وتلك الصفة داخلة في حقيقتهما. فاذا كان متعلق
أحدهما أكبر (1) من متعلق الاخر، وذلك التعلق إنما هو (2) عارض لصفة
ثبوتية لهما = وجب ذكر تلك الصفة الثبوتية في ذكر حقيقتهما.
والدليل على هذا: أن من لم يفهم الاحسان امتنع أن يفهم الشكر، فعلام
أن تصور متعلق الشكر داخل في تصور الشكر.
قلت: ولو قيل: إنه ليس هذا إلا أمرا عدميا فالحقيقة إن كانت مركبة من
وجود وعدم، وجب ذكرهما في تعريف الحقيقة، كما أن من عرف الاب من
حيث هو اب، فان تصوره موقوف على تصور الابوة التي هي نسبة واضافة،
وان كان الاب امرا وجوديا
فالحمد والشكر متعلقان بالمحمود عليه والمشكور عليه، وإن لم يكن
__________
(1) (ق):"اكثر".
(2) سقطت من (ف، ك).
162

الصفحة 162