كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

قوما بورا.
ونزلت فتنة تركت الحليم (1) فيها حيران، و نزلت الرجل الصاحي منزلة
السكران، وتركت الرجل اللبيب لكثرة الوسواس ليس بالنائم ولا اليقظان،
وتناكرت فيها قلوب المعارف والاخوان، وبقي (2) للرجل بنفسه شغل عن أن
يغيث اللهفان.
وميز الله فيها هل البصائر والايقان، من الذين في قلوبهم مرض أو نفاق
وضعف إيمان. ورفع بها قواما إلى الدرجات العالية، كما خفض بها أقواما
إلى المنازل الهاوية، وكفر بها عن آخرين أعمالهم الخاطئة. وحدث من
أنواع البلوى ما جعلها قيامة مختصرة (3) من القيامة الكبرى، فإن الناس
تفرقوا فيها ما بين شقي وسعيد (4)، كما يتفرقون كذلك في اليوم الموعود.
وفر الرجل فيها من (5) أخيه و مه و بيه؛ إذ كان لكل امرىء منهم (6) شأن يغنيه،
وكان من الناس من أقمى همته النجاة بنفسه، لا يلوي على ماله ولا ولده ولا
غرسه (7)، كما أن فيهم (8) من فيه قوة على تخليص الاهل والمال، واخر فيه
__________
(1) (ق):"الحكيم ".
(2) (ق، ف، ك):"حتى بقي "ه
(3) (ك):"محتضرة".
(4) في هامش الاصل: في نسخة " ومسعود" صح.
(5) (ق، ف، ك): " عن ".
(6) (ق): " لكل منهم ". (ف): "منهم يومئذ".
(7) (ك): " عرسه ".
(8) (ق، ف): " منهم ".
177

الصفحة 177