كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الفصل الأول
في ذكر منشئه وعمره ومدة عمره رضي الله عنه وأرضاه
أما مولده فكما أخبرني به غير واحد من ا لحفاظ أنه ولد بحران في
عاشر ربيع الاول سنة إحدى وستين وست مائة. وبقي بها إلى أن بلغ سبع
سنين، ثم انتقل به والده - رحمه الله - إلى دمشق المحروسة، فنشأ بها أتم
إنشاء وازكاه، وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه.
وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة، ودلائل العناية فيه
واضحة. أخبرني من أثق به عن جدته أن الشيخ رصد الله عنه في حال
صغره، كان إذا أراد المضي إلى المكتب، يعترضه يهودي كان منزله
بطريقه، بمسائل يسأله عنها لما يلوح عليه من الذكاء والفطنة. وكان يجيبه
عنها سريعا، حتى تعجب منه. ثم إنه صار كلما اجتاز يخبره بأشياء مما
يدل على بطلان ما هو عليه، فلم يلبث أن اسلم وحسن إسلامه. وكان ذلك
ببركة الشيخ على صغر سنه.
ولم يزل منذ ايام صغره مستغرق الاوقات في ا لجد والاجتهاد. وختم
القران صغيرا، ثم اشتغل بحفظ الحديث والفقه والعربية حتى برع في
ذلك، مع ملازمته مجالس الذكر وسماع الاحاديث والاثار. ولقد سمع غير
كتاب على غير شيخ من ذوي الروايات الصحيحة العالية.
أما دواوين الاسلام الكبار،! " مسند أ حمد"، و" صحبح البخاري "،
ومسلم، و" جامع الترمذي "، و"سنن أبي داود السجستا ني "، والنسائي،
742

الصفحة 742