كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
شرحه مجلدين كبيرين. هذا من جملة بواهره. وكم من جواب فتوى لم
يسبق إلى مثله.
و ما ذكر دروسه؛ فقد كنت في حال إفامتي بدمشق لا أفوتها. وكان لا
يهئ شيئا من العلم ليلقيه ويورده، بل يجلس بعد ن يصلي ركعتين فيحمد
الله ويثني عليه، ويصلي على رسوله جممرو، على صفة مستحسنة مستعذبة لم
أسمعها من غيره. ئم يشرع فيفتح الله عليه إيراد علوم وغوامض، ولظائف
ودفائق، وقنون ونقول، واستدلالات بايات وأحاديث، و قوال العلماء،
ونصر (1) بعضها وتبيين صحته، أو تزييف بعضها وإيضاح (2) حجته،
واستشهاد بأشعار العرب، وربما ذكر ناظمها. وهو مع ذلك يجري كما
يجري السيل، ويفيض كما يفيض البحر، ويصير منذ يتكلم إلى أن يفرغ،
كالغائب عن الحاضرين، مغمضا عينيه، وذلك كله مع عدم فكره فيه
ورويته (3)، من عير لعجرف ولا توقف ولا لحن، بل فيض إلهي، حتى يبهر
كل سامع وناظر، فلا يزال كذلك إلى أن يصمت. وكنت اراه حينئذ كانه قد
صار بحضرة من يشغله عن غيره، ويقع عليه إذ ذاك من المهابة ما يرعد
القلوب ويحير الابصار والعقول.
__________
= أبيات. وذكر ا لحافظ في " الدرر" أنها مائة وتسعة عشر بيتا. انظر " شرح التائية"
(ص 114) لمحمد الحمد.
(1) في نسخة: "ونقد".
(2) كذا، ولعلها: "وإدحاض" أو نحوها.
(3) (ط): "وروايته " خطا، و] لمثبت من ال) و (ك): "فكر فيه وروتة".
0 5 7