كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الفصل الثالث
في ذكر معرفته بأنواع أجناس المذكور والمقول والمنقول،
والمتصور والمفهوم والمعقول
أما معرفته بصحيح المنقول وسقيمه فانه في ذلك من ا لجبال التي لا
يرتقى ذروتها، ولا ينال سنامها. قل أن ذكر له قول إلا وقد أحاط علمه
بمبتكره وذاكره وناقله واثره، أو راو إلا وقد عرف حاله من جرح وتعديل
با جمال وتفصيل.
حكى من يوئق بنقله أنه كان يوما بمجلس، ومحدلث يقرأ عليه بعض
الكتب الحديمية. وكان سريع القراءة. فعارضه الشيخ في اسم رجل من
سند الحديث قد ذكره القارئ بسرعة. فذكر الشيخ أن اسمه فلان، بخلاف
ما قرأ، فاعتبروه فوجدوه كما قال الشيخ، فانظر إلى هذا الادراك السريع
والتنبيه (1) الدقيق العجيب. ولا يقدر على مثله إلا من اشتدت معرفته،
وقوي ضبطه.
و أما ما وهبه الله تعالى ومنحه، من استنباط المعاني من الالفاظ النبوية
والاخبار المروية، وإبراز الدلائل منها على المسائل، وتبيين مفهوم اللفظ
ومنطوقه، وإيضاج المخصص للعام، والمقيد للمطلق، والناسخ
للمنسوخ، وتبيين ضوابطها ولوازمها وملزوما تها، وما يترتب عليها، وما
يحتاح فيه إليها، حتى إذا ذكر اية أو حديثا، وبين معانيه وما أريد به، يعجب
__________
(1) لعله:"التنبه ".
752

الصفحة 752