كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
أقاويل المتكلمين، لاصابة الثواب وتمييز القشر من اللباب: أن كلا منهم
لم يزل حائرا في تجاذب أقوال الاصوليين ومعقولاتهم، و نه لم يستقر في
قلبه منها قولى ولم يبن له من مضمونها حق. بل راها كلها موقعة في الحيرة
والتضليل، وجلها مذعن بتكافؤ الادلة والتعليل. و نه كان خائفا على نفسه
من الوقوع بسببها في التشكيك والتعظيل، حتى من الله تعالى عليه
بمطالعته مؤلفات هذا الامام أحمد ابن تيمية شيخ الاسلام، مما أورده من
النقليات والعقليات في هذا النظام. فما هو إلا أن وقف عليها وفهمها،
فراها موافقة للعقل السليم وعلمها، حتى انجلى ما كان قد غشيه من احوال
المتكلمين من الظلام، وزال عنه ما خاف أن يقع فيه من الشك وظفر
با لمرام (1).
ومن أراد اختبار صحة ما قلته، فليقف بعين الانصاف، العرية عن
الحسد والانحراف، إن شاء على مختصراته في هذا الشان،! " شرح
الاصبهانية " ونحوها، وان شاء على مطولاته،! " تخليص التلبيس من
تأسيس التقديس "، و"الموافقة بين العقل والنقل "، و"منهاج الاستقامة
والاعتدال "، فإنه والله يطفر بالحق والبيان، ويستمسك بأوضع برهان،
ويزن حينئذ ذلك باصح ميزان.
ولقد أكثر - رضي الله عنه - التصنيف في الاصول فصلا عن غيره من
__________
(1) اظنه عنى بهذا الكلام الشيخ عبد الله بن حامد الشافعي، وقد أرسل رسالتين بهذا
الخصوص لتلاميذ شيخ الإسلام يشرح فيها بالتفصيل حكايته، ويتحسر على عدم
لقاء الشيخ، الرسالة الاولى إلى ابن رشيق، وهي في "ا لجامع لسيرة ابن تيمية"
(ص 1 24 - 5 24)، و 1 لثانية إلى ابن بخيخ، وهي في "تكملة الجامع " (ص 51 - 64).
4 5 7