كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
بقية العلوم، فسألته عن سبب ذلك، والتمست منه تأليف نص في الفقه
يجمع اختياراته وترجيحاته، ليكون عمدة في الافتاء، فقال لي ما معناه:
الفروع أمرها قريب، فاذا قلد المسلم فيها أحد العلماء المقلدين جاز له
العمل بقوله، ما لم يتيقن خطأه. و ما الاصول فإ ني رأيت أهل البدع
والصلالات والأهواء، كالمتفلسفة والباطنية والملاحدة، والقائلين بوحدة
الوجود، والدهريمة، والقدرية، والنصيرية، وا لجهمية، وا لحلولية،
وا لمعطلة، وا لمجسمة، وا لمشبهة، وا لر ا وندية، وا لكلا بية، وا لسا لمية (1)،
وغيرهم من أهل البدع قد تجاذبوا فيها بازمة الصلال، وبان لي أن كثيرا
منهم إنما قصد إبطال الشريعة المقدسة المحمدية، الظاهرة على كل دين،
العلية، و ن جمهورهم أوقع الناس في التشكيك في أصول دينهم، ولهذا
قل أن سمدت أو رأيت معرضا عن الكتاب والسنة، مقبلا على مقولاتهم،
إلا وقد تزندق أو صار على غير يقين في دينه أو اعتقاده.
فلما رأيت الأمر على ذلك، بان لي أنه يجب على كل من يقدر على
دفع شبههم وأباطيلهم وقطع حجتهم وأضاليلهم، أن يبذل جهده ليكشف
رذائلهم، وزيف دلائلهم، ذبا عن الملة الحنيفية، والسنة الصحيحة الجلية.
ولا والله ما رأيت فيهم أحدا ممن صنف في هذا الشأن، وادعى علو
المقام، إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد دين الاسلام. وسبب
ذلك إعراضه عن الحق الواضح المبين، وعما جاءت به الرسل الكرام عن
__________
(1) (ط): "السلمية "، (ك): "السليمية " ولعل الصواب ما أئبت، والسالمية هم أتباع ابي
ا لحسن بن سالم. انظر " مجموع الفتاوى ": (5/ 483).
755