كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الصلاة عليها، أو تأسف على فواتها، وربما ذهب إلى قبر صاحبها بعد
فراغه من سماع الحديث، فصلى عليه، ثم يعود إلى مسجده، فلا يزال تارة
في إفتاء الناس، وتارة في قضاء حوائجهم، حتى يصلي الظهر مع (1)
الجماعة، ثم كذلك بقية يومه.
وكان مجلسه عاما للكبير والصغير، وا لجليل والحقير، وا لحر والعبد،
والذكر والانثى، قد وسع كل من يرد عليه من الناس، يرى كل منهم في
نفسه أن لم يكرم أحدا بقدره.
ثم يصلي المغرب، ئم يتطوع بما يسره الله، ئم أقرأ عليه من مؤلفاته أنا
و غيري، فيفيدنا بالطرائف، ويمدنا باللطائف، حتى يصلي العشاء، ئم
بعدها كما كتا وكان من الاقبال على العلوم إلى أن يذهب هوي من الليل
طويل، وهو في خلال ذلك كله في النهار والليل، لا يزال يذكر الله تعالى
ويوحده ويستغفره.
وكان رضي الله عنه كثيرا ما يرفع طرفه إلى السماء، لا يكاد يفتر عن
ذلك، كانه يرى شيئا يثبته بنظره، فكان هذا دأبه مدة إقامتي بحضرته،
فسبحان الله ما أقصر ما كانت! يا ليتها كانت طالت. ما مر على عمري إلى
الان زمان كان أحب إ لي من ذلك الحين، ولا رأيتني في وقت أحسن حالا
مني حينئذ، وما كان إلا ببركة الشيخ رضي الله عنه.
وكان في كل أسبوع يعود المرضى، خصوصا الذين بالمارستان.
و أخبرني غير واحد ممن لا يشك في عدالته ان جميع زمن الشيخ ينقضي
__________
(1) (ط):"من).
761

الصفحة 761