كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أقبل نحوي مسرعا فسلم، وهش في وجهي، ووضع في يدي صرة فيها
دراهم صالحة، وقال لي: أنفق هذه الان فيما أنت فيه، فإن الله لا يضيعك،
ثم رد على أثره كانه ما جاء الا من اجلي، فدعوت له وفرحت بذلك، وقلت
لبعض من رأيته من الناس: من هذا الشيخ؟ فقال: وكأنك لا تعرفه، هذا ابن
تيمية، لي مدة طويلة لم أره اجتاز بهذا الدرب. وكان جل قصدي من
سفري إلى دمشق لقاءه، فتحققت أن الله أظهره علي وعلى حا لي، فما
احتجت بعدها إلى أحد مدة إقامتي بدمشق، بل فتح الله علي من حيث لا
أحتسب، واستدللت فيما بعد عليه، وقصدت زيارته والسلام عليه، فكان
يكرمني ويسألني عن حا لي، فأحمد الله تعالى إليه.
وحدثني الشيخ العالم المقرئ تقي الدين عبد الله ابن الشيخ الصالح
المقرئ أحمد بن سعيد قال: سافرت إلى مصر حين كان الشيخ مقيما بها،
فاتفق أني قدمتها ليلا و نا مثقل مريض، فانزلت في بعض الأمكنة، فلم
ألبث أن سمعت من ينادي باسمي وكنيتي، فأجبته وأنا ضعيف، فدخل إ لي
جماعة من صحاب الشيخ ممن كنت قد اجتمعت ببعضهم في دمشق،
فقلت: كيف عرفتم بقدومي، وأنا قدمت هذه الساعة؟ فذكروا أن الشيخ
أخبرنا انك قدمت و نت مريض، و مرنا ن نسرع بنقلك، وما رأينا أحدا
جاء، ولا خبرنا بشيء، فعلمت أن ذلك من كرامات الشيخ رضي الله عنه.
وحدثني أيضا قال: مرضت بدمشق - إذ كنت بها - مرضة شديدة
منعتني حتى من الجلوس، فلم أشعر إلا والشيخ عند ر سي و نا مثقل
بالحمى والمرض، فدعا لي وقال: جاءت العافية، فما هو إلا ن فارقني
وجاءت العافية وشفيت من وقتي.
774

الصفحة 774