كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وتنتقل إليه، ويكون برسمك، فقال: لا والله، لا ارغب عن مهاجر إبراهيم،
و ستبدل به غيره، فخرج من بين يديه مكرما معززا، قد صنع له الله بما
طوى عليه نيته الصالحة من بذله نفسه في طلب حقق دماء المسلمين،
فبلغه ما أراده، وكان ذلك أيضا سببا لتخليص غالب أسارى المسلمين من
أيد يهم، وردهم على أهلهم وحفط حريمهم، وهذا من أعظم الشجاعة
والثبات وقوة ا لجألثقه
و خبرني من لا أتهمه أن الشيخ - رضي الله عنه - حين وشي به إلى
السلطان المعظم الملك الناصر، أحضره بين يديه، فكان من جملة كلامه:
إنني أخبرت أنك قد أطاعك الناس، و ن في نفسك أخذ الملك، فلم
يكترث به، بل قال له بنفس مطمئنة وقلب ثابت وصوت عال سمعه كثير
ممن حضر: أنا فعل ذلك؟ والله إن ملكك وملك المغل لا يساوي عندي
فلسين، فتبسم السلظان لذلك، و جابه في مقابلته بما أوقع الله له في قلبه
من الهيبة العظيمة: إنك والله لصادق، وان الذي وشى بك إ لي كاذب،
واستقر له في قلبه من المحبة الدينية ما لولاه لكان قد فتك به منذ دهر
طويل؛ من كثرة ما يلقى إليه في حقه من الاقاويل الزور والبهتان، ممن
ظاهر حاله للطعام العدالة، وباطنه مشحون بالفسق وا لجهالة.
ولم يزل المبتدعون أهل الاهواء واكلو الدنيا بالدين، متعاضدين
متناصرين في عدوانه، باذلين وسعهم بالسعي في الفتك به، متخرصين
عليه الكذب الصراح، مختلقين عليه، وناسبين إليه ما لم يقله ولم ينقله،
ولم يوجد له به خط، ولا وجد له في تصنيف ولا فتوى، ولا سمع منه في
مجلس. أتراهم ما علموا أن الله سائلهم عن ذلك ومحاسبهم عليه؟ أو ما
783

الصفحة 783