كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الفصل الثاني عشر
من ذكر قوته في مرضاة الله وصبره على الشدائد،
واحتماله إياها وثبوته على الحق
كان - رضي الله عنه - من اعظم أهل عصره قوة ومقاما وثبوتا على
الحق، ولتحقيق توحيد الحق، لا يصده عن ذلك لوم لائم ولا قول قائل،
ولا يرجع عنه لحجة محتح، بل كان إذا وضح له الحق يعض عليه
بالنواجذ، ولا يلتفت إلى مباين معاند، فاتفق غالب الناس على معاداته،
وجل من عاداه قد تستروا باسم العلماء والزمرة الفاخرة، وهم أقبل الناس
في الاقبال على الدنيا والاعراض عن الاخرة.
وسبب عداوتهم له: أن مقصودهم الاكبر طلب ا لجاه والرياسة،
وإقبال الخلق وراءه، قد رقاه الله إلى ذروة السنام من ذلك بما أوقع له في
قلوب الخاصة والعامة من المواهب التي منحه بها، وهم عنها بمعزل،
فنصبوا عداوته، وامتلأت قلوبهم محاسدة، و رادوا ستر ذلك عن الناس،
حتى لا يفطن بهم، فعمدوا إلى اختلاق الباطل والبهتان عليه، والوقوع فيه
خصوصا عند الامراء وا لحكام، واظهارهم الانكار عليه فيما يفتي به من
ا لحلال وا لحرام، فشققوا قلوب الطغام بما اجترحوه (1) من زور الكلايم،
ونسوا أن لكل قول مقاما (2) بين يدي أحكم ا لحكام، يسأله هل قلته بحق
__________
(1) (ط): " اخترصوه " ه والمثبت من (ك).
(2) (ك): " مقاما ي مقام ه .. ".
785

الصفحة 785