كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الفصل الثالث عشر
في أن الله جعله حجة في عصره ومعيارا للحق والباطل
وهذا أمر قد اشتهر وظهر، فانه - رضي الله عنه - ليس له مصنف ولا
نص في مسألة ولا إفتاء إلا وقد اختار فيه ما رجحه الدليل النقلي والعقلي
على غيره، وتحرى قول الحق المحض فبرهن عليه بالبراهين القاطعة
الواضحة الظاهرة، بحيث إذا سمع ذلك ذو الفطرة السليمة يثلج قلبه بها،
ويجزم بأنها الحق المبين. وتراه في جميع مؤلفاته إذا صح الحديث عنده
يأخذ به ويعمل بمقتضاه، ويقدمه على قول كل قائل من عالم ومجتهد،
وإذا نظر المنصف إليه بعين العدل يراه واقفا مع الكتاب والسنة لا يميله
عنهما قول أحد كائنا من كان، ولا يرائي في الأخذ بعلومهما أحدا، ولا
يخاف في ذلك اميرا ولا سلطانا ولا سوطا ولا سيفا، ولا يرجع عنهما
لقول أحد، وهو متمسك بالعروة الوثقى، واليد الطولى، وعامل بقوله
تعالى: <فان شزعتم فى شئءٍ فردوه إلىلئه والرسول نكنغ تؤمنون بالله واليؤم الاخر
ذ لك خز وأحسن تاوللا) 1 النساء:59] وبقوله تعالى: < وما خنلفتئم فيه من
شئع فحكمه، إلى لله > 1 الشورى: 0 1].
وما سمعت أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة
متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما.
ولهذالا يرى في مسالة اقوال العلماء إلا وقد افتى بأبلغها موافقة للكتاب
والسنة، وتحرى الاخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول.
787

الصفحة 787