كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الناس من الزحام عليها خشية من سقوطها عليهم (1) من اختناق بعضهم،
وجعلوا يردونهم عن ا لجنازة بكل ما يمكنهم، وهم لا يزدادون إلا ازدحاما
وكثرة، حتى أدخلت جامع بني أمية المحروس، ظنا منهم أنه يسع الناس،
فبقي كثير من الناس خارج ا لجامع، وصلي عليه - رضي الله عنه - في
الجامع، ثم حمل على ايدي الكبراء والاشراف ومن حصل له ذلك من
جميع الناس إلى ظاهر دمشق، ووضع بأرض فسيحة متسعة الأطراف،
وصلى عليه الناس.
قال: وكنت أنا قد صليت عليه في ا لجامع، وكان لي مستشرف على
المكان الذي صلي فيه عليه بطاهر دمشق، فأحمبت أن أنظر إلى الناس
وكثرتهم، فأشرفت عليهم حال الصلاة، وجعلت أنظر يمينا وشمالا ولا
أرى أواخرهم، بل رأيت الناس قد طبقوا تلك الارض كلها.
واتفق جماعة ممن حضر حينئذ وشاهد الناس والمصلين عليه، على
نهم يزيدون على خمسمائة الف، وقال العارفون بالنقل والتاريخ: لم
يسمع في جنازة بمثل هذا ا لجمع إلا جنازة الامام احمد بن حنبل رضي الله
عنه.
ثم حمل بعد ذلك إلى قبره فوضع، وقد جاء الكاتب (2) شمس الدين
الوزير، ولم يكن حاضرا قبل ذلك، فصلى عليه ايضا ومن معه من الامراء
والكبراء ومن شاء الله من الناس.
__________
(1) (ط، ك): " وعليهم " ولعله ما ثمت.
(2) (ط): " الملك "، والمثبت من (ك) وانظر ما سبق (ص 58).
792

الصفحة 792