كتاب العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ويليه الأعلام العلية - ابن عبد الهادي والبزار - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ولم ير لجنازة أحد ما رئي لجنازته من الوقار والهيبة، والعظمة
وا لجلالة، وتعظيم الناس لها، وتوقيرهم إياها، وتفخيمهم أمر صاحبها،
وثنائهم عليه بما كان عليه من العلم والعمل، والزهادة والعبادة،
والاعراض عن الدنيا، والاشتغال بالاخرة، والفقر والايثار، والكرم
وا لمروءة، والصبر والبشارة (1)، والشجاعة والفروسية والاقدام، والصدع
بالحق، والاغلاظ على أعداء الله و عداء رسوله، والمنحرفين عن ديته،
والنصر لله ولرسوله ولدينه ولاهله، والتواضع لاولياء الله والتذلل لهم،
والاكرام والاعزاز والاحترام لجنابهم، وعدم الاكتراث بالدنيا وزخرفها
ونعيمها ولذاتها، وشدة الرغبة في الاخرة والمواظبة على طلبها، حتى
لتسمع ذلك ونحوه من الرجال والنساء والصبيان، وكل منهم يثني عليه بما
يعلمه من ذلك.
قال: ودفن في ذلك اليوم - رضي الله عنه وأعاد علينا من بركاته - ثم جعل
الناس ينتابون (2) قبره للصلاة عليه من القرى والاطراف والاماكن و لبلاد،
مشاة وركبانا، وما وصل خبر موته إلى بلد - فيما نعلام - إلا وصلي عليه في
جميع جوامعه و مجامعه، خصوصا أرض مصر والشام والعراق وتبريز
والبصرة وقراها وغيرها، وختمت له الختمات الكثيرة في الليا لي والايام، في
أماكن كثيرة لم يضبط عددها، خصوصا بدمشق المحروسة ومصر والعراق
وتبريز والبصرة وغيرها، حتى جعل كثير من الناس القراءة له ديدنا لهم،
وأديرت الربعة الشريفة على الناس لقراءة القران المجيد وإهدائه له.
__________
(1) كذا، ولعلها: " ا لثبا ت ".
(2) (ط، ك): " يتناوبون " ولعل الصواب ما ثبت.
793

الصفحة 793