كتاب الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (اسم الجزء: 1)

"تاريخ بغداد" (5/ 474): كان ابن البيع يميل إلى التشيع، فحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد الأرموي بنيسابور -وكان شيخًا صالحًا فاضلًا عالمًا- قال: جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم يلزمهما إخراجها في "صحيحيهما" منها الحديث الطائر، و"من كنت مولاه فعلي مولاه"، فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك ولم يلتفوا فيه إلى قوله، ولا صوبوه في فعله اهـ.
ووجه استدلالهم بذلك على تشيع الحاكم، وأن تصحيحه لهذا الحديث الموضوع، وإيداعه له "مستدركه" وإفراده بجزء، دليل على أنه يرى تقديم علي - رضي الله عنه - على شيخ المهاجرين والأنصار أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. قالوا: وقد أشار إلى نحو ذلك الدارقطني، فغمز الحاكم بسوء العقيدة، حين أخبر أنه أخرجه في "المستدرك" فقد أخرج عبد القادر الرهاوي في كتابه "المادح والممدوح" عن أبي محمَّد السمرقندي أنه قال: بلغني أن "مستدرك الحاكم" ذكر بين يدي الدراقطني، فقال: نعم، يستدركُ عليهما حديث الطير، فبلغ ذلك الحاكم فأخرج الحديث من الكتاب.
وأجيب عن ذلك:
أولًا: قالوا: إن مجرد تخريج الحاكم لمثل هذه الأحاديث لا يدل بحال على تشيع الحاكم؛ لأنها رواية, وهي لا تحكم على من يتحملها ويؤديها بحكم ما. (¬1) قال السبكي في "طبقاته" (4/ 165): قلنا: وغاية جمع هذا الحديث أن يدل على أن الحاكم يحكم بصحته، ولولا ذلك لما أودعه
¬__________
(¬1) "الإِمام الحاكم النيسابوري" ص (64).

الصفحة 118