كتاب الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (اسم الجزء: 1)

عري عن معرفة ضبط العلماء للنسخ الحديثية، وكيفية روايتها, ولو فتح هذا الباب لأدى إلى كثير من المجاوزات، ولسنا بحاجة إلى هذا أصلًا اهـ. (¬1) قالوا: وهناك جواب آخر على ما سبق إيراه، وهو أن الحاكم سود كتابه "المستدرك" فعاجلته المنية قبل تنقيحه وتحريره. (¬2) فبقي الحديث فيه.
قال مقيده -عفا الله عنه-: ويرد على هذا الجواب ما قاله الحاكم في كتابه "المعرفة" ص (307) النوع (23): ومن الطوالات المشهورة التي لم تخرج في الصحيح حديث الطير اهـ. والله أعلم.
قالوا: وعلى فرض تسليمنا لكم بأن الحاكم قد تراجع تضعيفه لهذا الحديث إلى تصحيحه فليس في ذلك ما يدل على تشيع فيه، وإنما غايته أن الحاكم تغير اجتهاد ورأيه فيه من التضعيف إلى التصحيح، وهذا غير مستنكر عند أهل العلم. يقول الشيخ الألباني -رحمه الله تعالي-: إن العلم لا يقبل الجمود، ... ، وذلك مما يوجب على المسلم أن يتراجع عن خطئه عند ظهوره، وأن لا يجمد عليه، أسوة بالأئمة الذين كان للواحد منهم في بعض الرواة أكثر من قول واحد توثيقًا وتجريحًا ... (¬3) وإلى كون تراجع الحاكم -رحمه الله تعالى- عن تصحيحه إلى تضعيفه من باب اختلاف الاجتهاد في الحاكم، ذهب إليه الحافظ الذهبي، فقد قال كما سبقه نقله: كأنه اختلف اجتهاده. وقال مرة: فلعله تغير رأيه.
¬__________
(¬1) مقدمة السلوم للمدخل ص (19).
(¬2) "فتح المغيث" (1/ 41)، "التدريب" (1/ 113)، "توجيه النظر" (1/ 340)، مقدمة السلوم لـ "المدخل إلى الإكليل" ص (19)، "الإمام الحاكم النيسابوري" ص (65).
(¬3) مقدمة تراجع الألباني ص (9).

الصفحة 121