كتاب المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى

وكل شيء في كتاب الله تعالى تظن فيه التعارض فيما يبدو لك فأعد النظر فيه مرة بعد أخرى حتى يتبين لك قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82] .
الوجه الثاني: أن اجتماع المعية والعلو ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا ولا يعد ذلك تناقضاً ومن المعلوم أن السائرين في الأرض والقمر في السماء فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق فما بالك بالخالق المحيط بكل شيء.
قال الشيخ محمد خليل الهراس ص (115) في شرحه العقيدة الواسطية عند قول المؤلف: " بل القمر آية من آيات الله تعالى من أصغر مخلوقاته وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان " قال: " وضرب لذلك مثلاً بالقمر الذي هو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغيره أينما كان قال: فإذا جاز هذا في القمر وهو من أصغر مخلوقات الله تعالى أفلا يجوز بالنسبة إلى اللطيف الخبير الذي أحاط بعباده علماً وقدرة والذي هو شهيد مطلع عليهم يسمعهم ويراهم ويعلم سرهم ونجواهم بل العالم كله سمواته وأرضه من العرش إلى الفرش بين يديه كأنه بندقة في يد أحدنا أفلا يجوز لمن هذا شأنه أن يقال إنه مع خلقه مع كونه عالياً عليهم بائناً منهم فوق عرشه " ا. هـ
الوجه الثالث: أن اجتماع العلو والمعية لو فرض أنه ممتنع في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ممتنعاً في حق الخالق فإن الله لا يماثله شيء من خلقه: " {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص (116) ط ثالثة من شرح الهراس: " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو عليّ في دنوه قريب في علوه " ا. هـ
** وخلاصة القول في هذا الموضوع كما يلي: -
1 - أن معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف.

الصفحة 323