كتاب أدب الكاتب = أدب الكتاب لابن قتيبة

ولنْ يُراجعَ قلبِي وُدَّهمْ أبداً ... زَكِنْتُ منهمْ على مثلِ الَّذي زَكِنُوا
أي: علمت منهم مثل الذي علموا مني ومن ذلك: " القافِلَةُ " يذهب الناس إلى أنها الرُّفقة في السفر، ذاهبةً كانت أو راجعةً، وليس كذلك، إنما القافلة الراجعة من السفر، يقال: قَفَلَتْ فهي قافلة، وقَفَلَ الجُندُ من مبعثهم، أي: رَجَعوا، ولا يقال لمن خرج إلى مكة من العراق قافلة حتى يَصْدُروا، ومن ذلك: " المأتمُ " يذهب الناس إلى أنه المصيبة، ويقولون: كنا في مأتمٍ، وليس كذلك، إنما المأتم النساء يجتمعن في الخير والشر، والجمع مآتم، والصواب أن يقولوا: كنا في مَنَاحة، وإنما قيل لها مَنَاحة من النَّوائح لتاقبلهن عند البكاء، يقال: الجبَلان يتنَاوحان، إذا تَقَابلا، وكذلك الشَّجرُ، وقال الشاعر:
عشيَّةَ قامَ النَّائحاتُ وشُقِّقتْ ... جيوبٌ بأيدِي مَأْتَمٍ وخدود
أي: بأيدي نساء، وقال آخر:
رَمَتْه أناةٌ مِنْ رَبيعةِ عامرٍ ... نَؤومُ الضُّحا في مَأْتَمٍ أيِّ مأتمِ

الصفحة 24