كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

الحكيم) أراد بـ (الكلمة) - ههنا- الجملة المفيدة، وبـ (الحكمة): التي أحكمت معانيها بالعلم والعقل، مصونة معانيها عن الاختلال والتهافت، والحكيم: هو المتقن للأمور، والمعنى أن كلمة (الحكمة) إن تكلم بها من ليس لها بأهل، ثم وقعت بأهلها فهو أولى بها من الذي قالها؛ كصاحب الضالة إذا وجدها صاحبها؛ فإنه أحق بها من غيره، وإنما قال هذا؛ تنبيها على أن من سمع كلمة مفيدة ممن لا يعبأ به، ولا يهتدى إلى حقيقة ما حدث؛ فلا يحجزنه انتماء الكلمة إلى ذلك القائل عن الانتفاع بها؛ لأنه أولى بها وأحق من الذي قالها.
[165] ومنه: حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (طلب العلم الشرعي النافع فريضة على كل مسلم).
هذا حديث أكثر الناس فيه من الأقاويل، وضربوا يمينا وشمالا في بيانه، وهو ظاهر واضح.
والمراد بـ (العلم) - ههنا: القسم الذي فرض على العبد معرفته في أبواب المعارف، ويفتقر إليه في معاملة الله، ويتعين عليه العمل به؛ لأنه قال: (على كل مسلم)؛ فهو- إذن- محمول على العلم الذي لا يعذر العبد في الجهل به.
[158] ومنه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (خصلتان لا تجتمعان في منافق: (حسن سمت ... الحديث).
السمت: الطريق، والسمت: هيئة أهل الخير؛ لأنه طريقهم، يقال: ما أحسن سمته، أي: هديه.
وقوله: (ولا فقه في الدين)، حقيقة الفقه في الدين: ما وقع في القلب، ثم ظهر على اللسان؛ فأفاد

الصفحة 105