كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

ومن نظائره: القسم المشترك؛ نحو: الإمسالة، والوقف، وتخفيف الهمزة، والتقاء الساكنين، وزيادة الحروف، وإبدالها، والإدغام؛ فلو كلفوا أن يعدلوا في قراءاتهم عن النظائر التي ذكرناها، أو يقرءونها: لشق أن يتحول عن لغته إلى لغة أخرى.
وعلى هذا القياس في كل فريق، من المختلفين في اللغة التي لقنها المتكلم بها طفلا، وتربى عليها ناشيءا، واعتادها كهلا. ذلك على من لم يكن المأمور به من لغته؛ فظل مشقوقا عليه، ممنوا بقراءة لا يطاوعه عليها لسانه؛ كالقرشى إذا كلف الهمز، والتميمي إذا كلف تركه، والأسدى إذا كلف الفتح في الحروف الزوائد من (باب المضارع)، وقد قال الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}؛ فكان [36/ب] من فضل الله ورحمته على هذه الأمة المرحومة أن ألهم (الله نبيهم) - صلى الله عليه وسلم - فسأله التخفيف عن أمته في أمر الكتاب، وتيسير أخذه وتلقيه عليهم، حتى رخص لهم في الأخذ عنه بالألفاظ المختلفة إذا كان المعنى واحدا.
ومن الدليل على صحة ما نريد تقريره: ما أخبرني به والدي أبو سعد بن الحسين بن يوسف التوربشتى- جزاه الله عنا خير جزاء- قال أخبرنا الحافظ أبو موسي (إجازة إن لم يكن سماعا) أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد- في كتابه- أخبرنا والدي القاضي أبو ذكر أحمد بن علي بن بندار اليزدي، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن إبراهيم المالكي، أخبرنا محمد بن علي بن أملي الأصفهاني، أخبرنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة الرعيني، ثنا محمد أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدى الطحاوي، حدثنا الحسين بن نصر، ثنا شبابة بن سوار، ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد عن ابن أبي ليلى، عن أبي اين كعب رضي الله عنه: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على أضاة بني غفار، فأتاه جبريل، فقال: إن الله- تبارك وتعالى- يأمرك أن تقرأ أنت وأمتك على حرف واحد؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأل الله معافاته ومغفرته؛ إن أمتى لا تطيق ذلك ثم أتاه الثالثة، فقال له مثل ذلك، فأتاه الرابعة، فقال: إن الله- عز وجل- يأمرك وأمتك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف كلما قرءوا بها، فقد أصابوا).
قال الشارح- رحمه الله عليه: على هذا الوجه وجدت حديث أبي، وأرى الصواب فيه، وصوابه: (كل ما قرءوا به منها، فقد أصابوا).
وبالإسناد الذي ذكرناه، عن أبي جعفر الطحاوي أنه قال: حدثنا أبو أمية، حدثنا منصور بن شقير، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه: (أن النبي

الصفحة 112