كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

وأما قوله: (سنة قائمة): فهي الثابتة المعمول بها.
وقوله: (فريضة عادلة): فقد قيل: إنه أراد به: العدل في القسمة، أي: معدلة على السهام المذكورة في الكتاب والسنة.
وقيل: المراد بـ (العادلة): المستنبطة عن الكتاب والسنة، وتكون هذه الفريضة- وإن لم ينص عليها في الكتاب والسنة- معدلة بما أخذ منهما؛ قال زيد بن ثابت: في زوج وأبوين، للأم ثلث ما يبقى بعد فرض الزوج؛ أقوله برأيى لا أفضل أما على أب. هذا من باب تعديل الفريضة، لما لم يكن فيها نص، اعتبرها بالمنصوص عليه، وهو قوله تعالى: {وورثه أبواه فلأمه الثلث}، فلو أعطاها ثلث المال، لكان للأب السدس؛ وهذا خلاف النص.
قلت: الفريضة- على التأويلين- محمولة على السهام المقدرة في المواريث؛ وفيه نظر؛ لأنه إذا أول على العدل في القسمة على الهام المذكورة في الكتاب والسنة: فإنه داخل في الآيات المحكمات، والسنن القائمة؛ فلا فائدة- إذا- في تخصيصها بالمواريث، ولا يجعل عاما في سائر ما يشبهه من الأحكام، وليس أحد الأحكام المستنبطة بأولى من غيره في هذا التأويل؟ فالسبيل أن نقول: الفريضة العادلة: هي المحكومة المصدرة المعدلة بالكتاب والسنة، وهي المستنبطة بالقياس.
وهذه الثلاث هي قواعد الدين، ومعاقد أحكام الشرع.
ونقل عن عبد الله بن عروة؛ أنه قال: الفريضة العادلة: ما اتفق عليه المسلمون؛ وهذا- أيضا- تأويل قويم، ومعناه- على هذا القول: الحكومة المبنية المقدرة على منهاج العدل، وأولى ما يوصف بهذه الصفة: الإجماع، ولا يتقدمه شيء بعد الكتاب والسنة.
[175] ومنه: حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، (لا يقص إلا أمير، أو مأمور أو مختال).

الصفحة 116