كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

ومعنى قوله: (محتضرة) أي: تحضرها الشياطين، وترصد بني آدم بالأذى والفساد؛ لأنها مواضع تكشف فيها العورات، وتهجر عن ذكر الله؛ فيتمكنون عنهم في تلك المواضع ما لا تتمكن في غيرها من المواضع.
[238] ومنه: حديث عائشة- رضي الله عنها: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء، قال: غفرانك!).
الغفران: مصدر كالمغفرة، والمعنى: أسألك غفرانك، وقد ذكر العلماء في تعقيبه - صلى الله عليه وسلم - الخروج من المتوضأ بهذا الدعاء وجهين:
أحدهما: أنه استغفر من الحالة التي اقتضت هجران ذكر الله؛ فإنه كان يذكر الله على سائر أحواله، إلا عند الحاجة.
والآخر: أنه وجد القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله عليه، من تسويغ الطعام والشراب، وتقديره القوى المفطورات [46/أ] لمصلحة البدن، وترتيب الغداء من حين التناول إلى أوان المخرج؛ فلجأ إلى الاستغفار؛ اعترافا بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم.
[239] ومنه: قول أبي هريرة- رضي الله عنه: (فأتيته بماء في تور).
قال الجوهري: (هو إناء يشرب فيه).
وقيل: هو شبه إجانة من صفر، أو حجارة يتوضأ فيه ويؤكل؛ وهذا أشبه لما في حديث أم سليم؛ أنها صنعت حيسا في تور.
[340] ومنه: حديث الحكم بن سفيان الثقفى- رضي الله عنه- (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بال، توضأ، ونضح فرجه).
قيل: إنه كان يفعل ذلك؛ قطعا للوسوسة.
وقد أجاره الله تعالى عن تسلط الشيطان؛ فلعله كان يفعل ذلك؛ تعليما للأمة، أو يفعل ذلك؛ ليرتد البول، ولا ينزل منه الشيء بعد الشيء.
ويحتمل: أن يكون النضح في هذا الحديث- بمعنى الغسل، وسنذكر بيان ذلك في موضعه؛ إن شاء الله.

الصفحة 138