كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

ماء) يحتمل أن يكون سجلا أو ذنوبا على الشك من قول الراوي ويحتمل أن يكون على معنى التخيير من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأما وجه احتمال أن يكون من قول الراوي فظاهر وأما وجه القول الآخر فهو أن بين اللفظين قربا ما، وذلك أن السجل هو الدلو إذا كان فيه ماء قل أم كثر، والذنوب الدلو الملئ ماء فخيرهم بين الأمرين والأول أوضح وقوله (من ماء) زيادة وردت مورد التأكيد والتفهيم لمن لم يكن ذا فهم وذلك لأن السجل والذنوب لا يستعملان إلا في الدلو التي فيها الماء ولا يقال لها وهي فارغة سجل ولا ذنوب والسجل مذكر والذنوب يذكر ويؤنث وأما قوله في هذا الحديث (فإنما بعثتم ميسرين) أي بعثتم أيتها الأمة من بين سائر الأمم ميسرين فعليكم بالتيسير فإن الله تعالى بعث إليكم نبيكم بالتيسير فوضع عنكم الآصار التي كانت على من قبلكم.
[322] ومنه حديث أسماء بن أبي بكر- رضي الله عنه- (سألت امرأة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة .. الحديث) الحيضة [57/ب] هاهنا بكسر الحاء وهي الاسم من الحيض والحيضة بفتح الحاء المرة الواحدة منه ولا معنى لها في هذا الحديث.
وفيه (فلتقرصه ثم لتنضحه بماء) قد يتوهم بعض الناس أن المراد منه أن تفرك فرك المني ثم تنضح بماء وليس الأمر على ما توهم؛ لأن النضح لا يجدى مع إبقاء أثر الدم من غير مبالغه في الغسل بل لا يزداد الثوب إلا نجاسة وإنما المراد أن تغسله بأطراف أصابعها وأظافرها، ثم تصب عليه الماء حتى يذهب أثره وذلك أبلغ في غسل الدم من أن يغسل باليد ويروى أنه قال للمرأة (قرصيه بالماء) بالتشديد أي قطعيه وقوله (ثم لتنضحه بماء) النضح أكثر ما يستعمل على الرش ويستعمل أيضا بمعنى الصب ولعله أراد بقوله هذا أن تثب الماء عليه شيئا فشيئا حتى يذهب أثر الدم.
[325] ومنه قول أم قيس بنت محصن- رضي الله عنها- في حديثها (فدعا بماء فنضحه ولم يغسله)

الصفحة 163