كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

الصلاة وحملوا قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإن التراب له طهور) على هذا المعنى ويستخرج من هذا الأصل أن النعل إذا كانت ذات نقائل ومخارز يتعلق بها النجاسة فلا يذهب أثرها [58/أ] بالدلك ولا تجوز الصلاة معها إذا تجاوزت النجاسة عن القدر المعفو.
وقد ذهب جمع إلى خلاف ما ذهب إليه الأولون وتأويل الحديث على وفق مذهبهم هذا أن يقال معنى قوله: (فإن التراب له طهور) هو أن المتنعل إذا وطئ القذر ثم أزال أثرها بالتراب فله أن يطأ بها أرض المسجد ويمسحها بيده [...] بثوبه ويكون استعمال الطهورية فيها على طريق الاتساع والمجاز المتعارف بين الناس، أو يأولونه على ما ما يأول عليه حديث أم سلمة الذي يتلوه وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (يطهره ما بعده) وهذا محمول على أن السؤال صدر فيما جف من الثياب على ما كان يابسا من القذر فربما تشبث بها شيء منه فأخبر أن لا حرج في ذلك ولو تشبث بها شيء فإن المكان الذي بعده يطهره أي يزيل ذلك عنه.
قلت وفي تأويل حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- على هذا الوجه الذي ذكرناه في حديث أم سلمة نظر؛ لأن بين الحديثين بونا بعيدنا وهو أن حمل حديث أم سلمة على ما يقتضيه الظاهر مخالف للإجماع وذلك لأن الثوب إذا أصابته نجاسة لم يطهره إلا الغسل. وأما حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- فقد أخذ به غير واحد من فقهاء التابعين ومن بعدهم ثم إنه حديث حسن لم يطعن فيه. وأما حديث أم سلمة ففي إسناده مقال من قبل من يرويه عن أم سلمى وهي أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وهي مجهولة لم يعرف حالها في الثقة والعدالة.
[333] ومنه حديث أبي المليح عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (نهي عن جلود السباع أن تفترش) إنما نهى عن لبس جلود السباع وافتراشها والركوب عليها؛ لأن ذلك من سنن الجبابرة ودأب المتكبرين وعمل المسرفين وسجية المترفين وعلى هذا فالنهي نهي تنزيه وأما من يذهب إلى نجاسة شعور الميتة، أو يذهب إلى أن جلود الميتة لا يطهر بالدباغ فإن النهي عنده نهي تحريم وأبو المليح أو أسامة بن عمير الهذلي رضي الله عنه وأحاديثه التي رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا راوي لها عنه غير ابنه أبي المليح واسمه عامر والمليح بفتح الميم وكسر اللام.
[334] ومنه حديث عبد الله بن عكيم (أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث) ذهب بعض أهل العلم

الصفحة 165