كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

يقولون حديث عروة لا يناقض الحديث الذي استدللتم به وإنما فيه زيادة بيان والزيادات إذا لم يلزم منها تناقض فإنها مقبولة.
(ومن الحسان)
[369] حديث حمنة بنت جحش- رضي الله عنها- (كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة) استحيضت المرأة إذا سأل عنها الدم في غير أيام معلومة ومن غير عرق المحيض وحيضة بفتح الحاء وإنما قالت حيضة على المرة الواحدة ولم تقل حيضا لتميز تلك الحالة التي كانت عليها من سائر أحوال المحيض في الشدة والكثيرة والاستمرار
وفيه (إني انعت لك الكرسف) والكرسف القطن ومنه كرسف الدواة والمعنى أصفه لك لتعالجين به مقطر الدم وإنما قال أنعت إشارة إلى حسن أثر الكرسف وصلاحه لذلك الشيء؛ لأن النعت أكثر ما يستعمل في وصف الشيء بما فيه من حسن، ولا يقال في المذموم إلا أن يتكلف متكلف فيقول نعت سوء.
وفيه (إنما أثج تجا) الثج شدة سيلان الدم، ومطر ثجاج إذا انصب جدا والثج سيلان دماء الهدى ويقال أيضا ثججت الماء والدم إذا سكبته وعلى هذا فالمفعول محذوف أي أثج الدم ثجا ويحتمل أن يكون بمعنى السيلان وإنما اضافت السيلان إلى نفسها على معنى أن النفس جعلت كأنه كلها دم ثجاج وهذا أبلغ في المعنى وهو مثل قولهم فاضت عيني من الدمع.
وفيه (إنما هي ركضة من ركضات الشيطان) أي تلك العلة دفعة وحركة من دفعات الشيطان وحركاته وإنما أضافها إلى الشيطان؛ لأن الشيطان وجد بذلك طريقا إلى التلبس عليها في أمر دينها وذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - (الرعاف في الصلاة من الشيطان) ويحتمل أن يكون الضمير للحالة أي الحالة التي ابتليت بها من الخبط والتحير ركضة من ركضات الشيطان.
وفيه (فتحيضى ستة أيام أو سبعة في علم الله) تحيضت المرأة أي قعدت أيام حيضها عن الصلاة، وقد

الصفحة 174