كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

المعنى: أن أمر القبلة قد استقر على ما شرعت لكم- من التوجه إلى هذا البيت استقرار لا يزيله النسخ.
وقول ابن عباس: (في قبل الكعبة) هو نقيض الدبر، والمراد منها: الجهة التي فيها الباب، والباء من (قبل) تحرك وتسكن.
[458] ومنه: حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).
قيل: لفظه خبر، ومعناه نهي؛ وذلك لأن ما عدا هذه المساجد الثلاثة متساو في الرتبة، غير متفاوت في الفضيلة؛ ففي أي صلى، كتب له مثل ما في غيره، وحمكم المساجد الثلاثة على خلاف ذلك؛ لما بين الله لنا على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من مقادير تضعيف الثواب للمصلى في كل واحد منها.
وذهب جمع من العلماء إلى أن معناه الإيجاب فيما ينذر من الصلاة في المساجد؛ يقولون مهما نذر الإنسان أن يصلى في موضع من غير هذه المساجد الثلاثة- لا يلزمه الوفاء بذلك؛ بل يصلى حيث شاء، وإنما يلزمه ذلك في المساجد الثلاثة.
قلت: ويرجع معنى ذلك- أيضا- إلى ما ذكرنا من استواء الأماكن في حق المصلى، إلا المساجد الثلاثة؛ للمعنى الذي ذكرناه.
وقال بعض أهل العلم: هو ألا يرحل في الاعتكاف إلا إليها؛ وكان بعض السلف يرى أن الاعتكاف لا يصح إلا في هذه المساجد الثلاثة.
[458] ومنه: حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).

الصفحة 200