كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

إنما سمى تلك البقعة المباركة روضة؛ لمعنيين:
أحدهما: أن زوار قبره - صلى الله عليه وسلم -، وعمار مسجده من الملائكة والجن والإنس- مكبون فيها على ذكر الله وعبادته؛ إذا صدر منها فريق، حل بها آخرون، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مررتم برياض الجنة، فارتعوا)، قيل: يا رسول الله: وما رياض الجنة؟ قال: (حلق الذكر).
والآخر: أن من شهدها- لمجاورة، أو زيارة، أو اعتكاف- أفضى به ذلك إلى روضة من رياض الجنة؛ ويقرب من هذا المعنى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومنبري على حوضي) أي: على حافته وعقره؛ فمن شهده مستمعا إلي أو متبركا بذلك الأثر شهد الحوض [70/ب].
ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - نبه بهذا القول على المناسبة الواقعة بين المنبر والحوض، وهي: أن المنبر مورد القلوب الصادية في بيداء الجهالة؛ كما أن الحوض مورد الأكباد الظامية من حر القيامة، وهما متلازمان لا مطمع لأحد في الآخر دون انتفاعه بالأول، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة)، والترعة: الباب.
ويقال: الروضة إذا كانت على مكان مرتفع، ويقال: الدرجة.
ويروى: (على ترعة من ترع الحوض)، والترعة: أفواه الجداول.
وقيل: ترعة الحوض مفتح الماء إليه؛ وذلك لصحة المناسبة بينهما.
هذا ونحن لا نقطع بشيء من هذه الأقاويل؛ بل نذهب فيها مذهب الاستنباط والتأويل، ونعتقد أن المراد منه على ما أراده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الحق وإن لم تهتد إليه أفهامنا، ولم تسع له عقولنا.
[465] ومنه: حديث جابر- رضي الله عنه: (أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد ... الحديث).

الصفحة 201