كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

[483] ومنه: حديث عائشة- رضي الله عنها: (أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور).
معناه: في المحلات. الدار- من جهة اللغة: تقع على العامر المسكون، والغامر المتروك، وهي من الاستدارة؛ وذلك لأن الواحد منهم كان يخط بطرف رمحه قدر ما يريد أن يتخذه دارا، ويدور حوله، ولذلك قيل:
الدار دار وإن زالت حوائطه .... والبيت ليس ببيت وهو مهدوم
وكانوا يسمون المحلة قد اجتمعت فيها قبيلة: دارا؛ ومنه الحديث: (ما بقيت دار إلا بني فيها مسجد).
[488] ومنه: حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد ... الحديث)، التعاهد: بمعنى التعهد، وهو التحفظ بالشيء، وتجديد العهد به، وتعهدت فلانا، وتعهدت ضيعتي؛ وهو أفصح من (تعاهدت)؛ لأن [72/ب] التعاهد إنما يكون من اثنين.
وهذا الحديث رواه أبو عيسى في (كتابه)، عن أبي كريب، عن رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وفي روايته: (يعتاد المسجد).
ورواه- أيضا- عن ابن أبي عمر، عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وفي روايته: (يتعاهد المسجد) فالاعتياد معاودته إلى المسجد كرة بعد أخرى؛ لإقام الصلاة، والتعاهد: التحفظ به، وتجديد العهد به كذلك، وكلاهما حسن، وأولى الروايتين بالتقديم على ما شهد لها البلاغة لا السند: (يعتاد المسجد).

الصفحة 207